مصر مقبلة على حالة حرجة جدا.. ربنا يستر!!

محيط : حذر العالم الكبير د. مصطفى طلبة، الملقب بـ "أبو البيئة"، من تحديات خطيرة تواجه العالم أجمع بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض وعلى رأس الدول التي ستتأثر بهذه التحديات مصر، وتشمل هذه الأخطار تغييرا في المناخ والتربة والأمطار، مما يدق ناقوس الخطر بضرورة التحرك قبل فوات الأوان.

وكشف د. طلبة عن تفاصيل أخطر بحسب الحوار الذي أجرته الصحفية حنان بدوي ونشرته جريدة "الأسبوع" المستقلة والذي كتبت تقول فيه:

عندما يتواجد واحد من رموز البيئة في العالم في.. أي محفل علمي يصبح من الخطأ الشديد الا تختلس بضع دقائق من وقته الثمين لتسأل عما يقلقك في مجال البيئة.. شعور يجتاحني بمجرد رؤية الدكتور مصطفي كمال طلبة أو الدكتور عبد الفتاح القصاص أعطاهم الله الصحة والعافية.

هذه المرة أسعدني الحظ باللقاء مع احدهما وهو الدكتور طلبة أبو البيئة و الأب الروحي لبروتوكول مونتريال لحماية طبقة الأوزون ومؤسس برنامج الأمم المتحدة للبيئة، دكتور طلبة استمع كعادته بصدر رحب إلى كل التساؤلات وقدم شرحاً وافيا لـ" كيف تطورت اتجاهات الدول حول الاتفاقيات التي تتعلق بكوكب الأرض" كما يلي بيانه في السطور القادمة:

* سيادتكم كنت المسئول عن اتفاقية مونتريال اثناء توليك رئاسة المنظمة الدولية فكيف بدأت الفكرة؟
** في السبعينات اعلن د شيروود رولاند و ماريو مولينا وهما استاذان بجامعة كاليفرنيا أن الكيماويات التي من صنع الانسان المعروفة بالكلوروفلوروكربون cfcs تدمر طبقة الاوزون التي تحمي الارض من اضرار الاشعة فوق البنفسجية المنبعثة من الشمس وان المواد المستنفذة للاوزون يمكن ان تدمر هذه الطبقة وحصل العالمان وقتها علي جائزة نوبل وبدات المطالبات بضرورة حماية هذه الطبقة و البحث عن حلول للغازات المستخدمة في الثلاجات والتكييفات حيث تسهم في تكسير جزيئات الاوزون.

* د. طلبة حدثنا بتفصيل اكثر عن المعني العلمي لطبقة الاوزون.
** الاوزون ليس طبقة بل جزيئات متناثرة في طبقات الجو العليا المعروفة بالستراتوسفير حيث توجد مجموعة جزيئات صغيرة اذا تم تجميعها يكون سمكها حوالي 1ملم تكون ما يشبه الملاءة التي تحمي كوكب الارض وتمنع الاشعة فوق البنفسجية من النزول واختراق سطح الارض لان هذه الاشعة قاتلة.

* بداية الاهتمام بقضية الاوزون هل حقق الهدف منه بسرعة؟
** بالتأكيد لأ فقد بدانا منذ اواخر السبعينات نتحدث عن خطورة هذه المواد المستنفذة لطبقة الاوزون وبدأنا نؤكد علي ضرورة وجود اتفاقية تحد من هذه المواد واستمر العمل منذ هذا الوقت وحتي عام 1987 وكل ما استطعنا عمله هو الاستمرار في المفاوضات للوصول الي اتفاقيات معينة واستمر هذا الوضع لمدة عام ونصف بلا جدوي وكانت مواقف الدول تتباين بسبب الخلافات بين العلماء الذين قدموا تسع نماذج مختلفة حول القضية.

* كنت في هذا الوقت رئيسا لبرنامج الامم المتحدة فكيف قاربت بين وجهات النظر؟
** احضرت جميع العلماء المسئولين عن هذه النماذج واجتمعنا في المانيا ووضعوا مبادئ مشتركة لنصل الي اتفاق بين ثماني نماذج من تسعة بان هناك خطرا يواجه طبقة الاوزون وان هناك خطرا شديدا يواجه الكرة الارضية وبدأ العلماء يقولون بان الاشعة فوق البنفسجية ستؤدي الي زيادة العمي و سرطان الجلد وفي هذا الوقت عام 1987 كان مرض الايدز في بداية ظهورة بدأ الاعلام يحذر من ان الثقب الموجود في طبقة الاوزون سيؤدي الي تزايد معدلات الاصابة بالايدز لنجد حالة من الحماس لدي الدول والدخول في اتفاقية مونتريال للاوزون خلال خمسة اشهر .

* إذن هل قام الاعلام بدور فعال ووصلتم الي شبه اتفاقية مؤكدة؟
** نعم بدانا التفاوض مع الدول وطلبت وقتها عشر سنوات سماح للدول النامية حتي تطبق بنود التفاقية بما يتناسب مع ظروفها الاقتصادية ووجود تكنولوجيا بديلة وكانت النتيجة انقسام الدول الي اربعة فرق متنافرة الاولي كانت تضم امريكا وكندا السويد والنرويج اما الفريق الثاني فكان يضم السوق الاوربية المشتركة تتزعمهم انجلترا و فرنسا والمانيا ثم فريق ثالث يضم روسيا واخر يضم اليابان.


الفيضانات أيضا خطر داهم
*ولماذا كان الاعتراض والتناحر في راي الدكتور طلبه وهو رئيس برنامج الامم المتحدة انذاك؟
** المصالح هي التي تتحكم في اي اتفاقية ففي الاوزون كانت امريكا لديها شركة او اثنتين قاربت علي الوصول الي بدائل للفلوروكربون ولم تكن اوربا قد وصلت لاي حل قريب من البدائل وطلبت ان يتم التخفيض تدريجيا بنسبة 20% حتي عام 2000 واعترضت بشدة لان امريكا تنتج 35%من اجمالي المواد المستنفذة لطبقة الاوزون تستهلك منهم 32% وتصدر 3% اما اوربا فكانت تنتج 35% تستهلك منها 10% وتصدر الباقي 25% وهذا يعني ان امريكا ستسيطر وحدها علي سوق بدائل المواد المستنفذة .
اما اليابان فكانت مشكلتها الوحيدة هي ان واحدة من المواد المستنفذة تستخدم لديها في غسيل الكمبيوتر والتليفزيون والاستغناء عنها يعني ضرب الاقتصاد وفي روسيا كانت المشكلة سياسية تتعلق بالنظام الشيوعي واختلاف مستوي المعيشة في الجزء الاوربي عن الجزء الاسيوي.

* وهل نجحت في الوصول الي اتفاق ملزم بين الدول؟
** بالطبع كانت المسألة في غاية الصعوبة واستمرت المفاوضات منذ 11984 وحتي 1987 عندما استضافت كندا المؤتر الوزاري في 15 سبتمبر وفشلت الدول في الاتفاق فلجأت الي الاقناع الودي لكل طرف علي حدة بحكم صداقتي لهم حتي توصلنا الي اتفاقية وقعت عليها 25 دولة وعقدنا مؤتمر صحفي كان ابرز ما فيه هو اتهام ممثلي جرين بيس 'السلام الاخضر' لي بخيانة البيئة لأنني وافقت علي اقتراح خفض الانبعاثات بنسبة 50% بحلول عام 2000 لتدخل الاتفاقية حيز التنفيذ عام 1989 وبعد عام ونصف زاد العدد الي 65% من دول العالم.

* وهل استمر التعاون بين الدول؟
** في عام 1990 وافقت اغلب الدول علي ان تقوم بايقاف المواد المستنفذة للاوزون فيما عدا الهند والصين الذين علقوا الانضمام بوجود صندوق لمساعدة الدول علي تطبيق الاتفاقية وبدأالانضمام الفعلي لكل الدول.

* لماذا تحقق ذلك في مونتريال الاوزون ولم يتحقق في كيوتو للمناخ؟
** لان الاوزون تميز بوجود صندوق تدفع فية الدول الكبري نصيبها لمساعدة الدول النامية ولان الاتفاقية وضعت مهلة مدتها عشر سنوات وان يدير الصندوق لجنة منتخبة من 14 دولة تتساوي فيها عدد الدول النامية والمتقدمة سبعة لكل منها وبالفعل اصبحت هذه الاتفاقية هي النموذج الامثل لكافة الاتفاقيات حيث تمنح الدولة المشاركة في بروتوكول مونتريال الخبرة و الاجهزة و المواد الكيماوية المطلوبة.

* تركت المنظمة عام 1992 فكيف كان الوضع في الاتفاقية؟
** كان اخر شيء فعلته هو اجتماع كوبنهاجن للاوزون وتم عمل تعديل للاتفاقية منها انشاء الصندوق بصفة دائمة وتم تمويله بـ 240 مليون دولار وايقاف المواد المستنفذة بنسبة 100% بحلول عام 1997 اي قبل المدة المحددة بثلاث سنوات.

* تركت المنظمة الدولية واصبحت الاب الروحي لاتفاقية الاوزون التي ضمت كل دول العالم فما الذي يواجه الاتفاقية الان؟
**عندما فكرنا في الاتفاقية كان الهدف حماية طبقة الاوزون من المواد التي تضرة واستخدام البدائل ممثلة في الهيدرو فلوروكربون ولكن هذه المواد تحتاج الي وجود بدائل لها لان استخدامها يحمي الاوزون لكنه يهدد برفع درجة حرارة الارض اكثر من ثاني اكسيد الكربون.

* طالما جاء الحديث عن تغير المناخ هل تشعر بالتفاؤل امام مؤتمر كوبنهاجن المقرر عقده الشهر القادم؟
** لا لست متفاءلا بالمرة فنحن نفكر في تقليل ثاني اكسيد الكربون في الجو لكننا لا نعرف كيف نفعل ذلك وثاني اكسيد الكربون الموجود في الجو الان يكفي لارتفاع درجة حرارة الارض خلال عشرون عاما حتي وان توقفنا عن اخراج اية انبعاثات فالمسألة اصبحت شديدة الخطورة فالكلام المؤكد هو ان درجة حرارة الارض سترتفع عام 2050 الي درجتين بل الاخطر هو ان التقارير الدولية تشير الي امكانية حدوث هذا الارتفاع بحلول عام 2035 وان القرن القادم سيشهد ارتفاع في درجات الحرارة بين 5 الي 6 درجات وهو وضع لم يسبق ان تعرضت له الكرة الارضية.

* هذا الخطر يجعلني اسالك للمرة الالف عن مصر وتأثرها بذا الارتفاع؟

تغيرات المناخ
** سؤال اجبتك عليه مئات المرات، مصر من بين اكثر الدول التي سيهددها تغير المناخ ولعل البلاغ الوطني الذي اعددناه لتقديمة اما م اجتماع كوبنهاجن الشهر القادم اوضح عددا من المشاكل التي ستواجهنا في كافة المجالات منها خطر غرق الدلتا و تزايد الافات واختلاف انظمة المطر وتدهور الانتاج الزراعي وفقدان اراضي الدلتا والمراعي بسبب الغرق وانخفاض انتاج الاسماك نتيجة زيادة الحموضة في البحر بالاضافة الي هروب الاسماك اصلا نتيجة ارتفاع درجة الحرارة.

* وهل تري اننا مستعدون لمواجهة هذا الدمار بحسب التقارير الدولية؟
** بالفعل اثرت الموضوع مع رئيس الوزراء وطلبت منه ثلاث خطوات محددة: اولها لجنة وزارية برئاسة رئيس الوزراء وكافة الوزراء المعنيين لوضوع خطوات عاجلة للمواجهة، ثانيا تشكيل لجنة فنية عليا تتكون من 20 الي 25 عالما من كبار المتخصصين يترأسها احد العلماء وليس وزيرا وتقوم بجمع بيانات حول كل ما يحدث في مصر، ثالثا عمل خمس خطط خمسية تحدد ماذا ستفعل مصر خلال 25 عاما.

* وهل رد عليك رئيس الوزراء او تشعر ان هناك امل؟
** احتفظ بالاجابة واتنظر الرد منذ اربعة اشهر لكن دعوني اذكركم ونفسي و معنا رئيس الوزراء بان دلتا نهر النيل التي كانت التقارير العلمية تقول انها سترتفع من 19 الي 59 سم فان احدث تقارير دوليه اصبحت تحذر من ان الارتفاع بين متر ونصف الي مترين واننا سنفقد من الدلتا 3% من الدلتا تصل بنهاية القرن الي 12% وان هناك اماكن تتعرض للغرق منها حائط محمد علي بالاسكندرية والذي يعتبر السد الذي يحمي الاسكندرية كما سنفقد شرم الشيخ التي تعتبر علامة من اهم علامات مصر وسنفقدها ليس بسبب الغرق ولكن بسبب فقدان الشعاب المرجانية التي ياتي السائحون اليها للاستمتاع ووقتها لن تنفع اية خطط طالما جاءت بعد فوات الأوان.