جان بول سارتر
عندما سالوا الرئيس الفرنسي العظيم شارل ديجول لماذا لا تلقي القبض على سارتر
اجاب ان سارتر هو ايضا فرنسا مثله مثل فولتير هل استطيع ان القي القبض على فرنسا ؟؟
جان بول سارتر (1905-1980)
في الحي السادس عشر من باريس في 21 يونيه 1905 ولد جان بول سارتر و توفي والده في الهند الصينية
و عمره عامان و انتقل مع والدته للعيش في منزل جد امه
فقد بصر عينة اليمني تماما وهو في الثالثة من عمرة الا ان ذلك لم يمنعة من القراءة
درس سارتر في شبابة الفلسفة والسيكولوجيا
تعرف سارتر على زميلته سيمون دي بوفوار simone de beauvoir
في عام 1929
و تقول الفيلسوفة الفرنسية ورفيقة حيات سارتر سيمون دي بوفوار (عندما قابلت سارتر احسست لأول مرة بشخصيتهالقوية فانه كان يفكر في كل دقيقة من يومه و حقا انني انا ايضا كنت افكر لكن ليس طوال اليوم مثله )
و تدل مذكرات سارتر التي نشرت بعد وفاته عليى انهما كانا يتبادلان حبا قويا و كانت سيمون تبكي عندما تتأخر عليها خطابات سارتر خصوصا اثناء الحرب العالمية الثانية فقد كان مجندا في الجيش الفرنسي
عمل سارتر مدرسا للفلسفة في عام 1931 في احدي المدارس
في عام 1933 ذهب في منحة دراسية لألمانيا ليدرس الفينومونولوجيا (علم الظواهر) وتتلمذ على يد مارتن هيدجر
الغثيان
نشر سارتر في عام 1938 روايتة الغثيان ولاقت نجاحا كبيرا في فرنسا و اوروبا
وتدور حول رجل يعيش وحيدا و يقضي وقته بين المطعم الذي يتناول فيه طعامه و المقهي و مكتبة البلدية ويعاني اشد المعاناة من الوحشة و الكأبة و هو ما يتسبب في غثيانه
فهو يحتقر الناس لمجرد وجودهم
و الأشياء لمجرد وجودها
ويكتشف روكانتان بطل الرواية
انه لا يوجد سبب لوجوده هو شخصيا فهو حر و لكنه في وحدة قاتلة و المهرب الوحيد هو ان يكتب و يبرر لنفسه بكتاباته لماذا هو موجود
الحرب العالمية الثانية و سارتر
(لقد علمتني الحرب ضرورة الأنتماء )
التحق سارتر بالجيش الفرنسي و لكنه سرعان ما وقع في اسر الألمان و افرج عنه بعد عام من الأسر
وشارك سارتر بعدها و زميلة البير كامي
في الكتابة في الصحف السرية التابعة للمقاومة الفرنسية
مسرحية الذباب le mouches
اتم نشرها في عام 1943 بعد ان سمحت بها سلطات الرقابة الألمانية ورحبت بها الصحافة الفرنسية
لكن الألمان تنبهوا لمغزى المسرحية فاوقفوا عرضها
التي اقتبسها سارتر عن قصة اخيليوس الأغريقية
فعندما يعود الملك المنتصر من حرب طروادة ظافرا تعد له الملكة الخائنة و عشيقها كأسا من النبيذ مسموما فيموت الملك ويلقوا بابنه في الغابة و يجعلان من ابنته خادمة
فتحل اللعنة على المدينة و يعيث فيها الذباب ويغرق اهله في الذنوب
لكن ابن الملك يعود وينتقم و يحرر شقيقتة ويقول لها (اني الأن حرا يا اليكترا )و كانت فكرة سارتر التي اراد ان يبعث بها للفرنسيين انه على الأنسان ان يتصدي للمغتصب و الطاغية حتى لو كان هذا المغتصب و الطاغية ابيه او امه
و انهم عليهم ان يقوموا بواجبهم ويتحملوا نتائج اختيارتهم الحرة
الوجود و الوجودية عند سارتر
في عام 1943 نشر سارتر كتابه الوجود و العدم
و الوجود و العدم هو عمل سارتر الأساسي في تحليل طبيعة الأنسان ووجوده
الوجود عند سارتر هو العالم المادي المحسوس الذي يتحرك فيه الأنسان
ولكن هناك عالم اخر وعالم العدم le neant
وهو يقصد به ضمير الأنسان
و تقول سيمون دي بوفوار انها سمعت بكلمة الوجودية عندما سالها احد الصحفيين قائلا
(وانت يا سيدتي هل انتي ايضا وجودية )
ثم استخدم سارتر بعد ذلك الكلمة عنوانا لكتابة - الوجودية الأنسانية
L EXISTENTIALISME EST UN HUMANISME
ويطلق اسم الوجودية عليى مجموعة من الأفكار الفلسفية التي انحدرت من الفلسفة المعاصرة
من هيجل وكانط و هيدجر
ووجدت التعبير المعاصر عنها و الصورة المتشائمة في كتابات سارتر
و ترى الوجودية ان الأنسان حرا حرية مطلقة لأنة يستطيع ان يتصرف تصرفا ما او ان لا يتصرف فاذا اتخذ قرارة اصبح مسؤلا عما فعل ويؤثر هذا القرار في مستقبله
و مما لاشك فيه ان شعبية سارتر زادت بشكل رهيب في اواخر الأربعينيات حتى اصبح سارتر وسيمون دي بوفوار اشهر مثقفان في باريس ان لم يكن في اوروبا باكملها
سارتر و الماركسية
هاجم الماركسيون سارتر بشدة و اتهموه بان الفلسفة الوجودية تعبر عن الترف البرجوازي الرخيص و الفردية الرجعية
و كان سارتر و صديقة البير كامي قد اسسا صحيفة (الأزمنة الحديثة )
كان ل روجر جارودي
الذي كان من ابرز الشيوعيين الفرنسيين مجلة اسمها ليو مانيتية و كان يكيل الأتهامات عبرها لسارتر و يصفه على انه احد كلاب الأمبريالية
و الغريب ان سارتر رغم كل هذا لم يرد على الشيوعيين بل هاجم البرجوازية الفرنسية و شارك الشيوعيين موقفهم في رفض الحرب على الهند الصينية
و ايد سارتر حياد فرنسا في الحرب الباردة في ان لاتنضم للتحالف الأنجلو ساكسوني او ان تؤيد الأتحاد السوفيتي
في عام 1948 اصدر سارتر الرواية الدرامية الأيدي القذرة و الذي هاجم فيها الشيوعيين و الأحزاب البروليتارية
مواقف سارتر من القضايا العربية
ايد سارتر بشدة الثورة الجزائرية التي اندلعت ضد الوجود الفرنسي في الجزائر
(ان الشيء الوحيد الذي نستطيع ان ويجب ان نحاوله و اصبح اليوم ضروريا هو ان نكافح الى جانب الشعب الجزائري لتخليص الجزائريين من الأستعمار )
ووقف سارتر يدين العدوان الثلاثي على مصر ويدافع عن حقوق شعبها
(ان ثمة دعاية ماكرة تهمس على الدوام لتقنعنا باننا ذاهبون لتحرير مصر
و لكن مهلا كفاكم هذا الهراء ان طائرتنا التي القت القنابل على فلاحي مصر البسطاء كانت تقتلهم
ان تأميم قناة السويس هي ارادة شعب يريد ان يبني لنفسه مستقبلا عن طريق موارد هذة القناة ليبني السد العالي ويزيد مساحة الأرض المزروعة في مصر )
القي القبض على سارتر بسبب مواقفه المؤيدة للثورة في الجزائر و المعارضة للعدوان الثلاثي على مصر
و سار اليمنيين المتطرفين يقولون في الشوارع
اطلقوا على سارتر الرصاص
و قد احرقوا منزلة مرتين في باريس عامي 1961 و 62
شارك سارتر المتظاهرين العرب الذين تظاهروا في عام1970 ضد العنصرية في فرنسا
و زار مصر و فلسطين وقال انه (احس احساسا عميقا بمأساة اللاجئين الفلسطينين الذين يعيشون في ظروف بائسة)
(انني اعتبر ان حق الفلسطينين القومي في العودة الي البلد الذي كانوا يعيشون فيه هو حق اصيل لا تجوز مناقشته ابدا )
و تبني سارتر طفلة جزائرية فقدت والديها خلال الحرب في الجزائر
سارتر يرفض جائزة نوبل
فاز سارتر بجائزة نوبل لكنه رفض تسلمها قائلا
(هؤلاء الذين يقدمون التشريفات سواء ان كانت وسام شرف او جائزة نوبل لايملكون في الحقيقة تقديمها )
ووصف سارتر الجائزة بانها سياسية و انها مثلها مثل جائزة لينين (جائزة عالمية استحدثها السوفيت لتكريم المفكرين )
(و لو عرضت علي جائزة لينين ايضا سارفضها )
لم يستطع سارتر في اواخر ايامه القراءة فاعتمد على سيمون لكي تقرأ له
و توفي جان بول سارتر في الساعة التاسعة مساء الأربعاء 15 ابريل عام 1980 بمستشفي بروسية بباريس
و قد سار في جنازته رئيس الجمهورية الفرنسية و اعلنت فرنسا الحداد الرسمي لوفاتةه و كرمته فرنسا و المؤسسات الفكرية في العالم كله اعظم تكريم ,و لحقته سيمون بعده بستة اعوام..!!