الباب الأول : مبادئ الفلسفة
الفصل الاول : مدخل الي الفلسفة
ملامح الفكر في الشرق القديم
كان للشرق القديم السبق في اقامة حضارات انسانية مزدهرة تجمع بين العلم العملي الذي يقوم علي المشاهدات و التجربة و تفكير ديني يستند الي العقل .
و توصل حكماء الشرق القديم الي اختراع صناعات و فنون و علوم .و اهتدو الي الخالق و الجنة و النار و الحساب و اليوم الاخر
من ابرز حكماء الشرق القديم :
اخناتون في مصر و بوذا في الهند و كونفوشيوس في الصين و زرادشت في فارس
ملامح الفكر في اليونان القديم
ظهر الفكر الفلسفي في اليونان ما بين القرن السادس و الرابع ق – م .
تناولت فلسفة اليونان نفس مجالات حكماء الشرق القديم مع اختلاف بواعث التفكير .
و قصدت الفلسفة اليونانية الي كشف الحقيقة عن طريق النظر العقلي الخالص بصرف النظر عن النتائج .
بحثوا في النجوم للتوصل الي قوانين تفسر ظهورها و سبب حركتها و تاملوا في الوجود .
اذن الفلسفة بمعناها التقليدي نشا عند اليونانيين القدماء
الاصل اللغوي لكلمة فلسفة
هي كلمة يونانية مركبة من مقطعين هما
فيلو و تعني حب
سوفيا و تعني الحكمة
اذن فيلوسوفيا تعني حب الحكمة و الفيلسوف هو محب الحكمة
و الفيلسوف اليوناني ( فيثاغورث ) اول من استخدم لفظ فلسفة ووضع لها معني محدد .
عارض استخدام لقب الحكيم لأن الانسان مهما بلغ من حكمة لن يبلغ ان يكون حكيما و لان الحكمة لله وحده .
اذن من الافضل ان نطلق علي الفيلسوف ان يكون محبا للحكمة و ليس حكيماً .
معاني و تعريفات الفلسفة
التعريف الاول :
الفلسفة هي العلم الكلي الذي يبحث في اصول و غايات الكون و الانسان و غايته النهائية كشف الحقيقة في ذاتها .
فهي اذن علم العلوم و موضوع الفلسفة الرئيسي هنا هو البحث في طبيعة الاشياء اصلها و حقائق الموجودات و رغبة الفرد في معرفة العلل البعيدة و المبادئ الاولي .
التعريف الثاني
الفلسفة هي وجهة نظر و رؤية فكرية شاملة تجاه الحياة و الانسان و العالم .
اذن يمكن اعتبار ان كل انسان له وجهة نظر خاصة به في الحياة و الانسان و المجتمع .
و كل انسان قادر ان يسير في طريق التفلسف .
اهمية الفلسفة للانسان
اولاً : - إشباع الرغبة الطبيعية لدي الانسان للمعرفة
لان الفلسفة تثير موضوعات عديدة و متنوعة تتصل بالانسان و حريته .و بما ان الحاجة الي المعرفة و حب الاستطلاع فطرة في الانسان و هذا جزء لا يتجزء من الانسان و معني ان يكون الانسان محبا للاستطلاع هو ان يبحث عن اجابات عن اي اسئلة تدخل في نطاق العقل .و الاجابة عن هذه الاسئلة تشبع في الانسان نهمه الي توسيع مداركه .
ثانياً : تنمية قدرات التفكير و حل المشكلات
تؤدي الفلسفة الي تنمية الروح الفلسفية لدي صاحبها و هذه الروح تعني استقلال الفكر المستنير الذي يرفض الوصايا عليه و النقد العقلي الذي لا يسلم بشئ تسليم اعمي و تربية العقل علي التساؤل و الدهشة و توسع الفلسفة آفاق العقل و تنمي فيه الاستعداد للتامل و اتخاذ القرار .
و تتميز هذه الروح انها تقوي الاحساس بالمسئوليه تجاه المشاكل, , , و العمل علي حلها
.ثالثاً : تكوين وجهة نظر شخصية عن الحياة و الانسان
كل شخص يريد ان يفكر بنفسه لا ان يفكر له غيره و يجب ان نتخلص من الجمود العقلي التي تقبل الآراء لمجرد انها دائما مقبولة و ان هناكاشخاص كبار يسلمون بها.و اسلم طريق لأكساب العقل الاتجاه النقدي الصحيح هو ان نكون علي ألفة بالفلسفة .و فحص الأفكار و الآراء و اعادة بناءها حتي نتمكن من اقامة وجهة نظر شاملة لأنفسنا تجاة الحياة و الانسان .
رابعا : إقامة الايمان علي اساس عقلي .
تنمية الوعي الديني و البرهنة علي ان الحقائق الموحي بها من الله تتفق مع مبادئ العقل .كثير من الناس يعتقد خطا ان دراسة الفلسفة تؤدي الي الكفر و الألحاد و لكن مناهج البحث الفلسفي تؤكد انه ليس هناك تناقض بين اخلاص الفيلسوف و العقيدة الدينية التي يؤمن بها .
و نجد الإسلام اطلق للناس حرية التفكير و النظر العقلي هو اساس الاعتقاد الصحيح و القران يناشد العقل و اصحاب العقول و يحفز علي البحث و التامل في عظمة المخلوقات و الخالق .
و هناك آيات كثيرة تدل علي ذلك
اهمية الفلسفة للمجت
اولا :- : تقديم حلول مقترحة للمشكلات الاجتماعية :
دور الفلسفة ليس مجرد نقد و كشف المشكلات بل يقترن ايضا بالبناء و اقتراح الحلول المقنعة .
و الانسان اليوم يعاني من مشاكل عديدة تتعلق بالحرية و الديمقراطية و الحروب و التلوث و الزحام و التكدس ..الخ كل ذلك يحتاج الي عقل فلسفي و حكمة للتوصل الي حلول ممكنة لهذه المشاكل .
ثانيا : تحقيق ارتقاء المجتمع و نهضته :
تعتبر الفلسفة من اهم دعائم الحضارو الانسانية و بغير الفلسفة لا تكون هناك حضارة . كما قال الفيلسوف ” ديكارت ” ان الفلسفة وحدها هي التي تميزنا عن الاقوام المتوحشين ، و انما تقاس حضارة الأمم و ثقافتها بمدي شيوع التفلسف بها . و ان اجمل نعمة ينعم الله بها علي مجتمع من المجتمعات هي ان يمنحها فلاسفة حقيقيين .
و بدراسة صور النهضة و التطور الاجتماعي خلال التاريخ نلاحظ ان الفلسفة تسعي الي توجيه فكرها المستنير الي مساعدة المجتمعات الي التطور و التقدم من امثال ذلك
سقراط
الذي استطاع ان يتصدي للفساد الذي انتشر في المجتمع اليوناني القديم علي يد السوفسطائية و علم الشباب ان يرفض التسليم بالعادات الشائعة و الخضوع الاعمي للحياة التقليدية
ابو الوليد بن رشد
الفيلسوف العربي الذي شارك في نقل اراء و افكار الفلاسفة اليونان الي الفكر الأوربي من خلال شرح فلسفة ارسطو وترجمتها الي اللغات الاجنبية التي كان لها اثر فعال في التمهيد لحركة التنوير في اوروبا .
برتراندرسل
الذي ناهض التجارب النووية و دعا الي استقلال الشعوب من الاستعمار و اقام محكمة رمزية لمحاكمة رؤساء الدول التي تهدد السلام العالمي و هاجم سياسة بلاده الاستعمارية و ندد برغبة امريكا في السيطرة علي العالم
الفرق بين الفلسفة و العلم
من حيث الموضوع
الفلسفــــة
يتناول الأسلوب الفلسفي الموضوعات الكلية المجردة عن المادة كالكون و الطبيعة و الانسان في نظرة كلية شاملة و يسعي لمعرفة اصول الاشياء و طبيعتها و معاني الحرية و رصد الحركات العالمية و التقدم العلمي و اثره علي الحياة و الانسان و كذل السياسة و الاقتصاد
العلــــم
يتناول الأسلوب العلمي الموضوعات الجزئية المادية المحسوسة و التي يمكن مشاهدتها مثل الضوء و الحركة و الحرارة و ما يجري داخل جسم الانسان من و عمليات بيولوجية و كذلك النباتات و كل ذلك الذي يخضع للقياس
من حيث المنهج
الفلسفـــة
يتبع الأسلوب الفلسفي المنهج العقلي الذي يعتمد علي العقل
و التاملي الذي يعكس رؤية الفيلسوف
و التحليلي الذي يصل الي جذور المشكلة
و النقدي الذي ينتقد الاراء السابقة و يبين مواطن ضعفها و قوتها
العلـــم
يتبع الأسلوب العلمي خطوات البحث العلمي الذي يتكون من
1 – الشعور بالمشكلة 2 – تحديد المشكلة 3 – جمع البيانات والمعلومات.
4– فرض الفروض اللازمة للمشكلة . 5 – التحقق من صحة الفروض باجراء التجارب عليها .
6- التوصل الي تفسير للمشكلة ووضع قانون لها .
من حيث الهدف
الفلسفة
تسعي الفلسفة لمعرفة العلل البعيد و المبادئ الاولي للوجود الغير مادية و هي علل عقلية مجردة و يسعي لمعرفة ما هو ابعد من التفسيرات المادية
العلــــم
يسعي العلم الي اكتشاف الاسباب المباشرة و العلل القريبة للاشياء ، و هي علل مادية يمكن التحقق منها بالتجربة اي القانون الذي يفسر الظاهرة .
طبيعة الحكم
الفلسفـــة
الأسلوب الفلسفي ذاتي لأن رؤيةالفيلسوف تتأثر بخبراته و تجاربه الشخصية و نزعاته و ظروف مجتمعه و عصره . و تتعدد المذاهب الفلسفية من فيلسوف لآخر .
العلـــم
الأسلوب العلمي موضوعي لأنه يدرس الموضوعات كأشياء منفصلة عن ذاتية العالم و كأشياء لها الوجود المستقل . فهو يقرر ما في الواقع دون ان يتاثر بظروفه و حياته و من هنا كانت الموضوعية واحدة لا تتعدد و لا تتغير.
التكامل بين الفلسفة و العلم
رغم الأختلاف الواضح بين الفلسفة و العلم استقلال كل منهما عن الاخر و لكن يجب ان لا ينفصلا علي الاطلاق لمصلحة العلم و الفلسفة و التقدم البشري .
ظل الاتصال قائم بين الفلسفة و العلم و الانفصال كان امرا ضروريا اقتضاه التخصص و طرق البحث .
اذا كان العلم يهتم بدراسة اجزاء من ظواهر الوجود كالصوت او الضوء مثلا للتوصل الي اسبابها المباشرة و يفسرها تفسير مادي ، و الفلسفة تهتم بدراسة الوجود بصور كلية باحثا عن العلل و المبادئ الاولي .
و بذلك يلتحم العالم مع الفيلسوف معا في تفسير كل ما هذا الوجود كلا في تخصصه .
فان كلا الميدانيين يقدمان الي المعرفة البشرية ما يفتقر اليه العلم الاخر .
اهمية التفلسف :-
1 – تكسب النظرة الكلية الشاملة و المتعمقة للأمور في مقابل النظرة الجزئية الضيقة .
2 – تعلم ان الحقيقة اكبر من ان يدركها عقل واحد وتكسب الانسان فضيلة التواضع و التسامح و عدم التعصب.
3 – توقظ الانسان و العقل و تجعل الانسان في موضع التساؤل لماذا ؟ و متي ؟ و اين ؟ و كيف ؟
4 – تقيم في الفرد محكمة عادلة تفصل في صحة الاحكام و تعتبر الامتحان النقدي للعقل النظري .